نَزَحَ الْحَبِيْبُ عَنِ الدِّيَارِ فَوُدَّعَا
وَنَأَى فأمْطَرَتِ الْمَدَامِعُ أدْمُعَا
وَبَقَيْتُ مُضْنِي الرُّوْح مِنْ رَوْعِ الجَّوَى
أُخْفِيْ عَلَى الشَّوْقِ الْمؤلِمِ أضْلُعَا
وَأُطَالِِعُ الْبَدْرَ الْمُنِيْرَ بِمُقْلَةٍ
رَأَتِ الْبُعَادَ مِنَ الْهَوَى أنْ تُهْمَعَا
عَنْ أيِّ أيَّامٍ غَدَتْ أحْكِيْ هُنَا
فِيْ حُسْنِ عَيْشٍ لَيْتَهَا أنْ تَرْجَعَا
مُسْتَذْكِراً أُبْدِيْ مَهَاطِلَ دَمْعَةٍ
والْوَجْدُ يُرْسِلُ عَنْ هَوَى مَا اسْتَرْجَعَا
وأقُوْلُ إنْ يُجدِي الْكَلامُ طَائلاً
مِنْ مُقْلَتِيْ وَفُؤَادِيَ الْمُتَوَزِّعَا
حِنُّوْا , فَقَدْ دَكَّ الْهُيَامُ بِمُهْجَةٍ
نَادَتْ لَفِيْفَ الرَّكْبِ لَمَّا أزْمَعَا
الله سَاعَاتِ الْفُرُاقِ فَكَمْ بِهَا
جَرْحٌ بِقَلْبِيْ سَهْمُهُ لَنْ يُنْزَعَا
كَبْدٌ تُنَاوِشْهَا السِّهَامُ فَلَيْتَكَمْ
تَتَعَطَّفُوْا بِيْ قَبْلَ أنْ تَتَقَطَّعَا
لَمْ يَبْقَ لِيْ صَبْرٌ غُدَاةَ فُرَاقِكُمْ
أغْدُوْ بِهِ عَنْدَ الْمَنِيَّةِ مُوَدِّعَا
كَلاَّ وَلا طَرْفٌ أشُقُّ بِهَا الثَّرَى
كَلاّ , وَهَلْ أبْقَى الجَّوَى لِيْ مَدْمَعَا ؟
لَوْ لا الرَّجَا بالْوَصْلِ يَا أحْبَابَنَا
لَمْ تَلْقَ نَاعِيَةٌ لِلَحْدِيْ مَوْضِعَا
أُمْسِيْ وَذِيْ صَبَابَتِيْ لَوْ أنَّهَا
بالرَّبْوِ أمْسَى لافِحاً مُتَصَدِّعَا
منِّي لَكُمْ أحْلَى سَلامٍ مَا شَدَا
شَادٍ , أوِ الأمْلاكُ أمْسَتْ هُجَّعَا